شفقنا العراق-يحيي ملايين الزائرين زيارة اﻷربعين من خلال الذَّهاب إلى كربلاء المقدسة مشيًا على الأقدام.
وترسم جموع بشرية مولعة بعشق الإمام الحسين أنهرًا تتفرع من ربوع العراق لتصب جميعها في قلب كربلاء حيث المرقد العظيم.
جموع خطت بأقدامها المتعبة مسيرة ثورة استنهضت في ضمائرهم عمق القضية التي انطلق من أجلها الحسين وهي طلب الإصلاح في أمة جده.
ليتحول هذا المشروع العظيم إلى حقيقة ارتبطت بالوجود ولتضع أرض الرافدين في المقدمة دائمًا في المناداة بمبادئ هذه الثورة العظيمة.

لقد بدأت مسيرة زيارة اﻷربعين بشكلها المنتظم الحديث في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي بأفراد ينطلقون من النجف إلى كربلاء مشيًا على الأقدام مدة أربعة أيام بمعدل 20 كيلومترًا في اليوم.
تبدأ المسيرة في يوم 16 صفر؛ حيث ينطلق الزوار المشاة في صباحه من النجف الأشرف إلى خان المصلى (خان الربع)، ويبيتون الليلة هناك.
وفي يوم 17 صفر ينطلقون من خان المصلى إلى خان الحماد (خان النص في ناحية الحيدرية حاليًا)، ويبيتون ليلتهم فيه.
في يوم 18 صفر ينطلقون من خان الحماد إلى خان النخيلة (خان الثلاثة أرباع)، ويبيتون ليلتهم فيه.
وفي يوم 19 صفر ينطلقون من خان النخيلة باتجاه مدينة كربلاء، ويبيتون الليلة في كربلاء بجوار مرقد الإمام الحسين.
وفي صبيحة الـ 20 من صفر يقوم النجفيون بالاشتراك مع مواكب المدن العراقية وغير العراقية الأخرى بإحياء المراسيم النهائية لذكرى أربعينية الإمام الحسين.
والخانات هي ثلاثة مباني قديمة تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين.
وتقع في الطريق بين مدينتي النجف الأشرف وكربلاء، وتفصل بينهما مسافات غير متساوية.
وفي صباح يوم الـ 20 من صفر يدخل المشاة إلى مرقد اﻹمام الحسين معزين بالذكرى الأليمة.
كذلك مواسين الإمام السجاد والسيدة زينب وأرامل وأيتام آل البيت الذين وصلوا في هذا اليوم إلى كربلاء قادمين من دمشق الشام ومعهم رأس الإمام الحسين ليدفنوه مع جثمانه الطاهر.
وكانت هذه المراسيم التي أحياها الإمام زين العابدين والسيدة زينب ومن معهما في عام 61 للهجرة هي التي أسست لمراسيم ذكرى أربعينية الإمام الحسين سنويًا.
وكان معهم أفراد من الصحابة والتابعين وبعض القاطنين قرب كربلاء؛ أهمهم جابر بن عبد الله الأنصاري.