![]() |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() "في حضرة الخذلان"
![]() كانت "نورا" تجلس أمام نافذتها كل صباح، تحتسي قهوتها بنصف ابتسامة وعيون متعبة. لم تكن تلك الابتسامة تعبيراً عن الفرح، بل كانت تعبيراً عن الاستسلام. استسلام لسنوات من الألم والخذلان التي عاشتها في ظل زواجٍ كان من المفترض أن يكون مصدر الأمان والراحة. تزوجت نورا وهي في العشرينات من عمرها، كأي فتاة حالمة، مليئة بالأمل والتفاؤل. كانت تحب "سامي" منذ أن رأته أول مرة في حفل زفاف أحد الأصدقاء. كانت نظراته العميقة وكلماته الرقيقة كافية لجعلها تشعر بأنها وجدت فارس أحلامها. عاشا معاً سنوات مليئة بالحب والوعود التي بدت حينها أنها لن تنكسر أبداً. لكن شيئاً فشيئاً، بدأت الأمور تتغير. بدأت نورا تلاحظ برودة سامي تجاهها. لم يعد يسأل عن حالها كما كان يفعل، ولم يعد يتحدث معها إلا في الأمور الضرورية. كانت تظن أن السبب هو ضغوط الحياة والعمل، فكانت تلتمس له الأعذار. لكن كلما مر الوقت، ازداد الجفاء بينهما، حتى أصبح وجوده في حياتها مثل ظلٍ ثقيل لا تعرف كيف تتخلص منه. بدأ سامي يتصرف وكأن نورا أصبحت عبئاً عليه. لم يكن يعاملها بوقاحة واضحة، لكنه كان يتجاهلها تماماً، كأنها لم تعد موجودة. وفي بعض الأحيان، كان يعود للمنزل بعد منتصف الليل، لا يقدم أي تفسير ولا يهتم بأسئلتها. وكلما واجهته، كان يردّ بجملة قصيرة: "أنتِ دائماً تبالغين." بدأت نورا تشعر بالخذلان. ذلك الشعور الذي لم يكن نتيجة موقف واحد، بل تراكمات من الإهمال والاستخفاف بمشاعرها. كانت تعيش في منزل كبير، ولكنها كانت تشعر بأنها تعيش في سجنٍ من العزلة. كانت كل زاوية في المنزل تذكرها بحبهم الأول، وكيف كانا لا يفترقان، وكيف تحولت تلك الذكريات إلى أشباحٍ تلاحقها في كل مكان. في إحدى الليالي، قررت نورا مواجهة سامي بجدية. كانت تجلس في غرفة المعيشة تنتظره، لكنها لم تكن تعرف ما الذي ستقوله بالتحديد. كانت كلمات الخذلان تتدفق في قلبها، ولكنها لم تجد الشجاعة لتقولها بصوتٍ عالٍ. عندما دخل سامي المنزل تلك الليلة، كانت نظراته باردة كعادتها. جلست نورا تنظر إليه بصمت لثوانٍ، ثم قالت بصوتٍ خافت: "سامي، هل تحبني بعد كل هذه السنوات؟" لم يلتفت إليها، بل ألقى بجسده على الأريكة وأخذ هاتفه بين يديه. قال بلا مبالاة: "نعم، بالتأكيد." لكن نورا كانت تعلم أن تلك الكلمة لا تحمل معناها الحقيقي. كانت مجرد جملة تلقائية خرجت من فمه دون أي تفكير. شعرت بغصة في حلقها، وأخذت نفساً عميقاً قبل أن تتابع: "إذا كنت تحبني، لماذا أشعر بأنني وحيدة؟ لماذا أرى في عينيك لامبالاة؟" هذه المرة، نظر سامي إليها، ولكن عينيه كانتا ممتلئتين بالضجر. "نورا، أنتِ تتخيلين. كل شيء على ما يرام. ربما أنتِ فقط تضغطين على نفسك كثيراً." تلك اللحظة كانت القشة التي قصمت ظهرها. أدركت أنها كانت تعيش في وهمٍ كبير. ذلك الحب الذي كانت تعتقد أنه سيحميها، تحول إلى سيفٍ مسموم يغرس في قلبها كل يوم. سامي لم يكن يكذب، ولكنه أيضاً لم يكن صادقاً. كان يعيش حياته وكأن نورا ليست جزءاً منها. قررت نورا في تلك الليلة أن تتخذ القرار الأصعب في حياتها. لم تعد تستطيع تحمل هذا الجفاء، هذا الخذلان المستمر. جمعت شجاعتها، وقالت له: "سامي، أريد الطلاق." تفاجأ سامي للحظة، ولكنه سرعان ما استعاد هدوءه. قال ببرود: "كما تشائين." لم يحاول إيقافها، لم يحاول التفاهم معها، بل كان كما هو دائماً... غير مبالٍ. خرجت نورا من المنزل في تلك الليلة، وهي تحمل قلبها المكسور بين يديها. لم تكن تعرف ما الذي ينتظرها في المستقبل، ولكنها كانت متأكدة من شيء واحد: لا شيء أسوأ من الخذلان. لا شيء أكثر إيلاماً من العيش في ظل حبٍ تحول إلى كابوس. السنوات التالية كانت مليئة بالتحديات، لكنها كانت أيضاً مليئة بالحرية. حرية أن تكون نورا من جديد، دون أن تحاول إرضاء شخص لا يستحقها. بدأت تبني حياتها من جديد، خطوة بخطوة، متصالحة مع نفسها ومع جروحها. وفي النهاية، أدركت نورا أن الخذلان ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لرحلة جديدة. رحلة نحو اكتشاف الذات، والبحث عن السعادة التي لم تكن يوماً تعتمد على وجود شخص آخر في حياتها. المصدر: منتدى محبي أهل البيت عليهم السلام - من قسم: منتدى القصص المعبرة td pqvm hgo`ghk
آخر تعديل Bright Soul يوم
10-22-2024 في 10:06 PM.
|
![]() |
#2 |
مراقبة عامة
![]() |
![]()
اللهم صل على محمد وال محمد
احسنتم ويبارك الله بكم شكرا لكم كثير |
![]() |
![]() |
#3 |
عضو مميز
![]() |
![]()
اللهم صل على محمد وآل محمد. جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك. شكرًا لك على كلماتك الطيبة
|
![]() |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|